When Freedom Becomes a Burden: My Blog’s Journey with React and WordPress
From the Obsession with Modernity to the Wisdom of Simplicity A few…
كنتُ قبل أشهر أرفع راية الحرب على WordPress، لا على سبيل الدعابة العابرة، بل هجاءً صريحًا ونقمة واعية.
رأيته نظامًا متآكلًا، تلتف حوله القوالب الرخيصة ويستند إليه من لم يذق طعم التحكم الحقيقي. وكنتُ أظن أن كل سطر يُكتب من أجله إنما يُنتقص به من كرامة الكود، ومن شرف العمارة اليدوية الدقيقة.
سخرت منه في مجالسي، وحذّرت منه كأنني أحمي أصدقاءي من وباء تقنيّ.
لكني الآن أكتب لكم من داخله. بوعيٍ كامل، وبنقرةٍ لا تخلو من رضا.
أنا مشغول.
ولا، لا أقصد مشغول ساعة أو يومًا أو حتى شهرًا، بل انشغال صار جزءًا من حياتي، مثل الحبوب التي استوطنت وجهي، مثل النعناع الذي أستخدمه لإسكات جهازٍ عصبيٍّ مضطرب، مثل ظل الإخفاقات الاقتصادية لبلدي التي تسرق مني آمالي وأحلامي.
أنا مشغول. فقط.
ولأنني مشغول، لم أعُد أملك ترف بناء كل شيء من الصفر، ولا رفاهية الانتصار لفلسفة “افعلها بنفسك” كلما رغبت في كتابة مقال.
لم أعُد أريد مشروعًا يستعرض عضلاتي البرمجية؛ أريد أن أكتب. فقط.
وهنا، ظهر WordPress من جديد، لا كخصم، بل كوسيلة؛ لا كمشكلة، بل كمهرب ذكيّ.
إنه ليس نصًّا عن مدح WordPress، ولا عن خيانة المبادئ، بل عن لحظة صدق نادرة يضطر فيها التقنيّ إلى أن ينصت لصوته الداخليّ وهو يقول:
“أنت لا تملك وقتًا لتعيد اختراع كل عجلة. اركب واحدة جاهزة، وامضِ.”
في قلب الهيكل المعماري لواجهة React + TypeScript، تتجلّى مفارقة عجيبة:
نظامٌ يَعِد بالتحكّم، ولكنه يُغرق صاحبه في دوّامة الخيارات.
لغةٌ تقول إنها أداة أمان، لكنها تذوب في النهاية في نفس الوادي الذي جاءت منه — JavaScript.
درعٌ شفاف، يُرعب أكثر مما يحمي.
في هذا العالم، كتابة مقالة لا تبدأ بالعبارة الأولى، بل بتهيئة بيئة تطوير، وربط مكتبات Markdown، وتحويلها إلى HTML، ثم إعادة بناء الفهارس، ثم دفع كل هذا إلى GitHub.
كأن الكاتب أصبح قبطان سفينة نووية، مطلوبٌ منه تشغيل المحرّك، تبريد المفاعل، مراقبة الضغط، فقط ليكتب سطرًا يقول فيه: “مرحبًا”.
والأدهى أن كل هذا البناء الشاهق ينتهي، للزائر العادي أو لمحرك البحث، إلى
<div id="root"></div>
حفرة فارغة، لا يتسلقها إلا من يعرف سحر الجافاسكريبت.
فهل هذا تطوّر؟
أم هو استعمار رقمي جديد، يجعل من البسيط معقدًا، ومن الحرف عمارةً لا تُطاق؟
لكنني، وكأي تقنيّ عنيد، لم أستسلم سريعًا.
قلتُ لنفسي: يمكن إصلاح الأمر.
يمكن بناء شيء نحيف وسريع، يمكن خداع محركات البحث، يمكن الحفاظ على جمال الفكرة ونقاء الكود.
لم أكن أحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بل كنت أجرّ جسدي خلف وهمٍ قديم.
في محاولة متأخرة للسيطرة على الفوضى، توجهت إلى دهاليز خوادم Apache، وبدأت أعبث بملف .htaccess
، أرتّب فيه المسارات، وأوزّع الأدوار بين الإنسان والآلة.
نسخة ثابتة للروبوت، ونسخة ديناميكية للإنسان.
بيتزا فوضوية للبشر، وطبق صحي مُعقّم للآلات.
لكن حتى هذه الخدعة لم تفِ بوعدها.
فمحركات البحث لم تعد تلك الكائنات البلهاء التي ترضى بأي قالب.
والمعركة لم تعد تُخاض بالكود فقط، بل بالصبر، والوقت، والتفرّغ… وكلها عملات نادرة في جيب المُجهد.
وهكذا، عاد السؤال الأول ليطرق الباب: لماذا؟
لماذا أقاتل لجعل البسيط معقدًا، والمقروء مخفيًا، والمقصود ضائعًا؟
لم يكن القرار عودةً تقليدية إلى الماضي، بل انقلابًا خفيًا في مسار رحلة امتدت بين تعقيد الحداثة وسذاجة البساطة.
WordPress، الذي طالما سخرته ببرود من موقعي المرتفع فوق هضبة التطويرات الجديدة، عاد ليكشف لي وجهًا لم أره من قبل.
لم يكن حبل نجاة رخوًا بل كتلة صلبة من الحكمة المضمرة.
نشر مقال؟ لم يعد معركة تقنيات، بل ضغطة زر ترسل كلماتك إلى العالم كما هي، بلا طقوس زائدة ولا تعقيد مُجهد.
نظام التعليقات، الأرشيفات، الفئات… كل شيء معدٌ ومنسّق مسبقًا، كأن أحدهم كتب قواعد اللعبة قبل أن تبدأ أنت اللعب.
أما المفاجأة الحقيقية، فكانت في جوهر البناء:
ـ Server-Side Rendering، الذي أُعجب به في مجتمعات React كاختراع جديد، كان قد صار هنا منذ زمن، يعمل بصمت، يصنع صفحات كاملة على الخادم قبل أن تصل إلى المتصفح.
صفحات تُقرأ بسرعة، تُفهم على الفور، تُعطي المحتوى حقه كاملاً، من دون انتظار حمل ثقيل لجافاسكريبت.
كأن المحتوى عاد ليتنفس، ليُعامل بكرامة كانت مفقودة في زمن الواجهات المتهورة.
الفرق الجوهري لم يكن بين React وWordPress، بل بين عقلين.
إن React تمثل حرية مطلقة — غير متحيزة أو غير مقيّدة — لا تفرض عليك مسارًا معينًا.
لكن هذه الحرية تشبه صحراء واسعة بلا علامات، حيث كل الاتجاهات ممكنة، وكل خطوة تتطلب قرارًا.
هل تبني باستخدام Next.js؟ هل تكتب واجهة برمجة تطبيقات خاصة؟
الأسئلة تتوالى، حتى قد تفقد السؤال الأهم: لماذا أكتب أصلًا؟
أما WordPress، فلديه رؤية واضحة ومحددة.
إنه نظام متحيّز — يقول لك: هذا هو طريق المقال، وهكذا يُنشر، وهنا يُقرأ.
قد تبدو هذه القواعد صارمة أو مقيدة، لكنه استبداد قائم على معرفة وخبرة، لا على عشوائية.
هذه القواعد ليست قيدًا، بل هدية لمن تعب من اختراع كل شيء من الصفر.
في نهاية المطاف، لم يكن الصراع بين TypeScript وPHP، بل بين الكفاءة والهوية.
بين صانعٍ يظن أن العبقرية تعني تعقيدًا، وكاتبٍ يبحث عن كلمة تُقرأ، لا بنية تُبهر.
مدونة ليست ملعبًا لمهارات بناء التطبيقات، بل مرآة لما نريد أن نقوله في هذا العالم.
وما لا يُقال ببساطة، ربما لا يُقال أبدًا.
التحرر لا يكون دائمًا بالتحليق بعيدًا… أحيانًا يكون بالهبوط إلى الأرض.
إلى النظام الذي لا يُطالبك بإثبات عبقريتك، بل يُتيح لك أن تكون إنسانًا… يكتب، ويُنشر، ويُقرأ.
لا أظن أنني تصالحت مع كل ما أزعجني، ولا أنني وجدت حلاً سحريًا، لكنني أدركت أن بعض الحلول البسيطة، رغم بساطتها، قد تكون أكثر صدقًا مما نريد الاعتراف به.
سخرية خفيفة ترافقني وأنا أستخدم ما لطالما رفضته، لأن هذا العالم الرقمي لا يمنحنا دائمًا الحرية التي نتخيلها، بل غالبًا يفرض علينا اختيارًا بين تعقيدات مفرطة أو بساطة مدروسة.
وهذا هو جوهر التقنية التي تستحق منا اهتمامنا: أن تقرّبنا من جوهر ما نريد قوله، لا أن تشتتنا في متاهات لا تنتهي.
ربما، في مقالي القادم، سأحدثكم عن هذا الرجوع التدريجي، عن كيف بدأنا نلوذ بـ”الوب 2″ بعد أن أخفقنا في “الوب 3”. لأن الطريق إلى المستقبل لا يخلو من استرجاع للحاضر، وللأصول التي ظننا أننا تجاوزناها.
صورة للمدونة القديمة
Join the Discussion