When the Penguin Shattered the Pane
The Threshold of Two Worlds At first, I didn’t realise the world…
في البدء، لم أكن أعلم أن العالم يعمل بصمت خلف نوافذ مغلقة. كنت أضغط وأنتظر. أضغط أكثر، وأنتظر أطول. ثم جاء يوم خرجتُ فيه من النافذة… ووجدتُ بطريقًا. كان واقفًا هناك، على أرض ساكنة باردة، لا ضوء فيها سوى وميض سطر ينتظر أن تكتب. نظر إليّ وقال دون صوت: “اكتب”. لم يكن يعرض عليّ مساعدًا افتراضيًا، ولا يطلب مني إعادة التشغيل. فقط أفسح لي الطريق.
منذ ذلك اليوم تغيّر كل شيء. لم يعد الحاسوب صندوقًا غامضًا يقرّر عني، بل صار أداةً أتحكم بها بيدي. ومع كل أمر أكتبه، كنت أسترد قطعة من سيادتي. ولأنك تقرأ هذا على خادوم يعمل بلينكس، فربما حان الوقت لتعرف لِمَ يُفضله العالم رغم كل الضوضاء القادمة من الجهة الأخرى من الشاشة. إليك ثلاث عشرة نقطة تخبرك لماذا يُعد لينكس العمود الفقري للإنترنت، وكيف تحوّل من نظام للهواة إلى اختيار العقلاء.
حين تتصفح موقعًا أو ترسل رسالة أو تطلب ملفًا من السحابة، فغالبًا هناك بطريق خلف الستار. لينكس يسيطر على حوالي 95% من خوادم الإنترنت العالمية، ما يعني أن هذا المقال نفسه وصلك عبر خادوم يعمل بلينكس.
أما ويندوز؟ فهو مشغول بإعادة تشغيل نفسه تلقائيًا، غالبًا في منتصف اجتماعك الأهم على الزووم.
لا تكتفي خوادم الإنترنت بالخضوع للينكس، بل إن 90% من الخدمات السحابية الكبرى مثل AWS وGoogle Cloud وAzure تبني بنيتها التحتية عليه. فالسُحب نفسها – التي تحرك الاقتصاد الرقمي العالمي – تسبح في فضاء البطريق.
أما محبو ويندوز، فلديهم OneDrive… طالما لم تتجاوز ملفاتهم حجم ملصق واتساب.
وإن تحدثنا عن وحوش الحوسبة، فـ 100% من أقوى 500 حاسوب خارق في العالم تعمل بلينكس. هذه الحواسيب تحل معادلات الكون، وتحاكي الانفجارات النجمية، وتفك شفرات الجينوم… كل ذلك تحت عباءة البطريق. أما ويندوز؟ يتفرج من الشباك ويقترح تحديثًا طارئًا لإصلاح خلفية سطح المكتب.
نظام Git، أداة إدارة الإصدارات الأشهر، كُتب على يد لينوس تورفالدس—نفس العبقري الذي أهدانا لينكس. وبينما يعمل Git على ويندوز، فإن تجربته هناك مثل العزف على كمان بأصابع مرتعشة. الأسوأ؟ ويندوز يحب اللعب بنهايات الأسطر، محولًا LF إلى CRLF، مما يعبث بملفاتك ويغيّر الـ Hash الخاص بها. نعم، مجرد نهاية سطر تغيّر بصمة الملف! ومَن عنده أدنى خلفية في البلوكتشين يعرف أن هذا إسفاف برمجي لا يُغتفر. والأسوأ أن الأمر يحدث بصمت، دون تحذير حقيقي، فقط إشعار مهذب بأن “تم التحويل من LF إلى CRLF” وكأن شيئًا لم يكن.
ويندوز متخم بالواجهات الرسومية: أزرار، نوافذ، قوائم، أيقونات، وكل نقرة تتطلب مهرجانًا بصريًا. النتيجة؟ قرص C يحتضر كل صباح. أما في لينكس، فالترمنال هو سيد الموقف، كل شيء يتم بسطر واحد. تريد تثبيت سيرفر؟ اكتب. تريد إدارة الشبكة؟ اكتب. لا مهرجانات، لا ألوان قوس قزح. والأجمل؟ أن استهلاك الموارد في لينكس يشبه رشفة ماء، لا دلوا من القهوة المسكوبة فوق اللوحة الأم.
في لينكس، يُفرَّق بين الأحرف الكبيرة والصغيرة في أسماء الملفات، أي أن “Ahmed” و”ahmed” يُعتبران ملفين مختلفين تمامًا. هذا يفتح بابًا من الدقة والسيطرة، لكنه قد يربك المستخدم غير المعتاد. أما في ويندوز، فالأمر أكثر تساهلًا: كلا الاسمين يُعدان واحدًا، وكأن النظام يغمض عينيه عن الفروقات الدقيقة. فهل تحب الانضباط الصارم؟ أم اللامبالاة الودودة؟ اختر ما يناسب شخصيتك.
كل توزيعة لينكس تأتي مع لغات برمجة أساسية مثل C و++C وبايثون، لأن النظام يفترض أنك مستخدم جاد. ويندوز؟ يأتيك محشوًا بـ Edge وMicrosoft Teams، وكأنك طلبت جهاز تطوير فجاءك بفيزا لمشاهدة مسلسل تركي. والمصيبة أنك لا تستطيع حذفها بسهولة؛ Edge يتصرف كما لو أنه الوصي الشرعي على جهازك.
في لينكس، يمكنك مخاطبة الهاردوير مباشرة. تريد أن تعطي الأولوية لعملية معينة؟ تفضل. تنقل نظامًا كاملًا دون إعادة تشغيل؟ نعم، ممكن. أما في ويندوز، فكل تعديل بسيط يتطلب “أعد التشغيل الآن أو في وقت لاحق؟” وكأنها لعبة تحدي الإرادة. ويندوز يتعامل مع التحديثات كأنها ضيوف مفاجئون على العشاء، لا يمكن رفضهم، ولا تأجيلهم.
عندما حاولنا بناء تليغرام من المصدر، على لينكس كانت الأمور واضحة: البيئة جاهزة، المكتبات موجودة، والأدوات متكاملة، مجرد بضعة أوامر في الطرفية، وتنطلق. أما على ويندوز؟ فمررنا برحلة طقسية شاقة: تحميل Visual Studio، تثبيت Chocolatey، التحقق من المسارات، التلاعب بالبيئة، ثم صلوات خاشعة أن ينجح البناء. كل هذا؟ لأن ويندوز ببساطة لم يُصمَّم للتطوير بل للاستخدام المكتبي والعروض التقديمية.
يحاول ويندوز إقناعك أن لينكس نظام للمهووسين: أولئك الذين يرتدون نظارات سميكة، يعيشون في الطرفية، ويتحدثون بصيغ الأمر. ولذلك يدفع شركات الألعاب عمدًا لتجاهل لينكس، وكأن غياب الألعاب شهادة بعدم الأهلية. لكن خلف الستار، الحقيقة مختلفة تمامًا: لينكس هو البنية التحتية للعالم الحديث. السيرفرات، السحابة، الذكاء الاصطناعي، السيارات الذكية، الهواتف، حتى الثلاجات—جميعها تتنفس لينكس. أما ويندوز؟ فلا يزال يتساءل بنبرة درامية كلما حذفت ملفًا: “هل أنت متأكد؟”
في لينكس، لا يتحرك شيء بصلاحيات الجذر إلا بإذنٍ صريح منك، وبكلمة مرور تُكتب كما تُنقش الأوامر على الحجر. كل أمرٍ يحمل وزنه، وكل تنفيذٍ يحمل تبعاته، ولهذا تبقى السيطرة بيدك. أما في ويندوز، فكأن الأبواب مشرعة للجميع: يكفي أن تنقر نقرة على ملف exe مجهول حتى ينقلب سطح المكتب إلى ساحة معركة. البرمجيات تتصرف كضيوف غير مدعوين، والفيروسات تعقد مؤتمراتها السنوية في جو مرح. في عالم لينكس، الفيروسات كالنباتات المائية في الصحراء: تذبل وتموت. أما في حضن ويندوز، فهي تنمو وتترعرع، تُغني وتُرقّص النظام بأكمله.
في عالم ويندوز، التحديثات لا تنتظر إذنك، ولا تكترث لمشاريعك المفتوحة أو ملفاتك غير المحفوظة. إنها تهبط عليك فجأة، تغلق النوافذ، وتعيد تشغيل الجهاز وكأنها تنفذ أمرًا سماويًا لا مفر منه. أما في لينكس، فالتحديث ضيف مهذّب: يطرق الباب، يُعرّف بنفسه، ويترك لك حرية القرار في استقباله. والأجمل؟ لا حاجة لإعادة تشغيل، فالنظام يواصل عمله بهدوء، وكأن شيئًا لم يكن. الفارق؟ كالفارق بين من يقرع الباب ويلقي التحية، ومن يقتحم المنزل وهو يُغنّي النشيد الوطني.
في لينكس، إدارة الحزم فن راقٍ ومنظومة تشبه مكتب البريد في دولة اسكندنافية: كل شيء في مكانه، كل طرد يحمل رقم تتبّعه، وكل عملية تمرّ عبر قناة معلومة. APT، YUM، DNF، Pacman… أسماء قد تبدو غريبة، لكنها مفاتيح لعالم تُنَفَّذ فيه المهام بسطرٍ واحد: ثبّت، حدّث، احذف. لا حاجة للبحث، لا حاجة للتثبيت من موقع مجهول، لا حاجة للنقر على “التالي” حتى تنهار معنوياتك. أما في ويندوز؟ فالأمر يشبه دخول سوق شعبي في يوم عاصف: المثبّتات متناثرة، الإعلانات تقفز في وجهك، وخطأ واحد في النقر كفيل بأن يُدخل إلى جهازك شريط أدوات لمتصفح انقرض منذ عشر سنوات. هنا، إدارة الحزم ليست أداة إنتاج… بل اختبار صبر.
حين تغلق نافذة ويندوز عليك، تشعر كأنك طفل صغير، يدير لك الكبار مفاتيح حياته، يقررون متى تشرق شمس جهازك ومتى يحل الليل عليه، متى تسمع صوت الصمت، ومتى تستيقظ الحواسيب من نومها القسري. إنه وصي لا يغفل عن تفاصيلك، لكنه يحيطك بسلاسل رقيقة من السيطرة المعلبة. أما لينكس، فهو البحر المفتوح الذي يمد لك زورق الحرية، ويعطيك المجداف لتشق به أمواج النظام بلا قيود، يقول لك: “انطلق حيث تريد، أنت القبطان هنا.” هنا، يصبح القرار أكثر من مجرد اختيار بين نظامين، إنه حكاية بين من يُرسم له طريقه بعناية، ومن يختار أن يرسمه بنفسه، بين رقابة الحماية وخفة الريح التي لا تحدها حدود.
Join the Discussion